أخبار عاجلةأخبار مصرأهم الاخباراسليدرالتقارير والتحقيقاتالحوادث و القضايا

الجهات الأربع المختصة لم تعترض وطنطاوى وعنان وسليمان وموافى والتهامى برأوا المتهمين

احجز مساحتك الاعلانية

كتب/ فادي محمد

-شهادات «محاكمة القرن» اتفقت على أهمية قرار قطع الاتصالات أثناء الثورة لحماية الأمن القومى
-الجهات الأربع المختصة لم تعترض وطنطاوى وعنان وسليمان وموافى والتهامى برأوا المتهمين
استندت المحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار أحمد أبو العزم، رئيس مجلس الدولة، فى حكمها الصادر يوم السبت الماضى، بقبول الطعون المقامة من الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وأحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء الأسبق، وحبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق، وإلغاء حكم «أول درجة»، بتغريمهم 540 مليون جنيه، تعويضا عن قطع الاتصالات أثناء ثورة 25 يناير، إلى حيثيات حكم محكمة النقض الصادر فى يونيو 2015 ببراءة مبارك والعادلى ومساعديه من تهمة الإضرار الجسيم بأموال ومصالح الدولة.
تظهر المقارنة بين حيثيات حكم القضاء الإدارى الصادر فى مايو 2011 بإدانة مبارك والعادلى ونظيف وتغريمهم والذى استند بشكل شبه كامل إلى تقرير لجنة تقصى الحقائق الأولى عن أحداث الثورة، وبين حكم محكمتى الجنايات الصادر فى نوفمبر 2014 وحكم النقض المؤيد له، فارقا شاسعا بين تكييف القضاء الجنائى والإدارى للواقعة.
ففى الوقت الذى اعتبرت فيه محكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار حمدى ياسين عكاشة أن ما حدث خطأ جسيم أضر بالاقتصاد والأمن العام ولم يكن ليؤثر على قدرة الشرطة على المجابهة، طالبت النيابة العامة بمحاسبة العادلى على قطع الاتصالات بدعوى أنه ساهم فى انقطاع الاتصال بين القوات وقادتها وهو ما أدى إلى إنهاكها وهبوط روحها المعنوية وانسحابها من مواقعها وحدوث فراغ أمنى أدى إلى إشاعة الفوضى وتكدير الأمن العام، ثم اعتبرت محكمة الجنايات ــ وأيدتها محكمة النقض ــ أن قرار قطع الاتصالات كان يهدف لحماية الأمن القومى بل هو إجراء قانونى طبقا لقانون الاتصالات، وفى نهاية الأمر وبعد 7 سنوات من الواقعة، تغلبت الرواية التى سردتها محكمة الجنايات للواقعة من خلال تكييفها للأحداث واستماعها للشهود، فحصل المسئولون على براءة نهائية فى القضية الجنائية، وأُنقذوا أيضا من دفع غرامة قياسية فى تاريخ القضاء المصرى.
رواية محكمة الجنايات ــ المؤيدة بالنقض ــ تتركز فى أن قرار قطع الاتصالات استند لنص المادة 67 من قانون الاتصالات 10 لسنة 2003 «للسلطات المختصة فى الدولة أن تخضع لإداراتها جميع خدمات وشبكات اتصالات أى مشغل أو مقدم خدمة وأن تستدعى العاملين لديه القائمين على تشغيل وصيانة تلك الخدمات والشبكات وذلك فى حدوث كارثة طبيعية أو بيئية أو فى الحالات التى تعلن فيها التعبئة العامة، وأية حالات أخرى تتعلق بالأمن القومى» وعرفت المحكمة الأمن القومى على أنه «القدرة الشاملة للدولة والمؤثرة على حماية قيمها ومصالحها من التهديدات الخارجية والداخلية»، ما يعنى مشروعية قرار قطع خدمات الهواتف النقالة وشبكة الإنترنت لأنه يمثل بعدا من أبعاد الأمن القومى.
ثم استعانت المحكمة بأوراق النيابة العامة فى واقعة اقتحام السجون؛ حيث صبت شهادات اللواء عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية ورئيس جهاز المخابرات العامة الأسبق، والمشير محمد حسين طنطاوى وزير الدفاع وقت الأحداث، والفريق سامى عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة آنذاك، بأن مصر استهدفت بمخطط أجنبى ضلعت فيه حركتا حزب الله وحماس بدعم من الإخوان المسلمين بالداخل، بل إن اللواء مراد موافى، رئيس جهاز المخابرات العامة الأسبق، أكد أنه كانت توجد عناصر أجنبية بالميادين للتخريب إبان الأحداث، وأنه تم ضبط جاسوس أمريكى تم استبداله بـ35 سجينا مصريا بالسجون الإسرائيلية.
وانتهت المحكمة من ذلك أن «الوطن هدده عدوان خارجى من بعض الجهات الأجنبية، وعاونها البعض من الداخل بما يتوافر معه البعد الأيديولوجى للأمن القومى والمتمثل فى وجوب مواجهة أية تهديدات أمنية داخلية أو خارجية».
واستندت إلى كتاب وزير الاتصالات طارق كامل، للنيابة العامة فى 27 فبراير 2011 والذى تضمن اجتماع لجنة وزارية يوم 20 يناير 2011 بالقرية الذكية برئاسة الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء وعضوية المشير محمد حسين طنطاوى وزير الدفاع والإنتاج الحربى، وحبيب العادلى وزير الداخلية، وأحمد أبو الغيط وزير الخارجية، وأنس الفقى، وزير الإعلام، والدكتور طارق كامل وزير الاتصالات واللواء عمر سليمان رئيس المخابرات العامة، والدكتور سعد زغلول أمين عام مجلس الوزراء، واستعرضت اللجنة الإجرات المختلفة فى عدة قطاعات والمطلوب اتباعها استعدادا لأحداث 25 يناير، وشكلت اللجنة غرفة عمليات تعمل يوميا طوال الأحداث وتجتمع بمبنى سنترال رمسيس تشارك فيها (وزارة الدفاع، الداخلية، المخابرات العامة، وزارة الإعلام، والاتصالات) وقام وزير الداخلية بصفته المسئول عن تحديد تعرض الأمن القومى داخل البلاد للخطر من عدمه باصدار تعليمات مشددة بضرورة قطع خدمات المحمول عن ميدان التحرير بعد ظهر الثلاثاء 25 يناير، وحتى صباح الأربعاء 26 يناير، ثم أصدر تعليماته بقطع الخدمات الاتصالات لمدة يوم واحد وهو الجمعة 28 يناير فى محافظات (القاهرة الكبرى، الإسكندرية، السوسيس، الغربية) وقطع الإنترنت على مستوى الجمهورية.
وتبين للمحكمة أنه «لم تعترض أى جهة من الجهات الأربع المشار إليها طلب وزير الداخلية، ما دعم عقيدة المحكمة بأن قرار قطع الاتصالات والانترنت كان مبعثه خطورة الأمن القومى وأنها لم تجد أى إرادة من المتهمين فى صدور سلوك غير معقول يبتعد عن الدراية أو خبرة شرطية، ويُدخل أى منهم تحت وصف الخطأ المهنى الجسيم».
ودعمت المحكمة النتيجة التى انتهت إليها ببعض الآراء والشهادات؛ فعلى سبيل المثال قال اللواء مراد موافى إن «قطع خدمات المحمول تقوم به الدول المتقدمة حفاظا على أمنها القومى» وقال اللواء محمد فريد التهامى الرئيس السابق للمخابرات والرقابة الإدارية إن «قطع الاتصالات أمر جائز إذا كان يؤثر أو يمس بالأمن القومى والاقتصاد القومى كما حدث فى ميدان التحرير» وأكد الفريق سامى عنان أن «قطع الاتصالات تم لما يهدد الأمن القومى للبلاد» وجزم اللواء خالد ثروت مساعد وزير الداخلية بأن «قطع الاتصالات يحدث فى أمريكا فى حالة تهديد الأمن القومى وهو أمر ليس بالمستغرب» بينما قال اللواء مرتضى إبراهيم مساعد أول وزير الداخلية إن «قطع الاتصالات كان يحمل جوانب إيجابية للحد من التواصل فى أعمال الشغب والتخريب» كما علل الكاتب الصحفى إبراهيم عيسى القرار بأن «الغرض منه تقليل أعداد المتظاهرين بالميدان».
ورسخ كل ذلك فى عقيدة المحكمة أن «القرار جاء لتلافى مخاطر تهدد الأمن القومى» مشيرة إلى أن «النيابة العامة لم تقدم أى دليل يشير إلى ماهية الإضرار بمركز البلد الاقتصادى، أو بالمصلحة القومية».
أما المفارقة الأبرز التى تكشفها مقارنة حيثيات حكمى القضاء الإدارى والجنايات، فتتمثل فيما ورد بهما على لسان الدكتور عمرو بدوى، الأستاذ بكلية الهندسة بجامعة القاهرة والرئيس التنفيذى للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات وقت الأحداث، حيث حضرت شهادته كجزء أصيل من حيثيات الحكمين رغم تناقضهما التام.
فالقضاء الإدارى استعان بشهادة بدوى أمام لجنة تقصى الحقائق فى 14 أبريل 2011 حيث قال نصا إن «قطع الاتصالات لا يؤثر على الاتصالات الخاصة بالشرطة لأن لها تردد ونظام مستقل خاص بها» مضيفا أنه «تحت الضغط الشعبى أعيدت الخدمات إلى وضعها الطبيعى» مؤكدا أن «هذا القطع لم يسبق حدوثه فى أى دولة بالعالم وكان له تأثير سلبى على سمعة مصر الدولية».
أما أمام محكمة الجنايات؛ قال بدوى إنه «قد سُجل على مستوى العالم العديد من حالات قطع الخدمة كمنطقة سان فرانسيسكو بأمريكا عقب قطعها بمصر، ولم يُحاكم أحد بشأن ذلك» نافيا أن «يكون قطع خدمة الاتصالات أثر على إغاثة بعض المرضى لعمل الهواتف الثابتة فى تلك الفترة بكفاءة».

Related Articles

Back to top button